عنما نعمل فإننا نجاري الأرض ونفس الأرض في سرها ، والكسول هو الغريب عن فصول الأرض وهو هائم لا يسير في موكب الحياة السائرة بعظمة وجلال في فضاء اللانهاية إالى المطلق اللامتناهي
فمع العمل نصبح كالمزامير التي تختلج القلوب لتناجي الأيام وتتحول لموسيقى خالدة ، فمن منا يرضى ان يكون قصبة خرساء صماء وكل ماحوله يترنم سوياً بأنغام جماعية ؟؟ فبالعمل تتحقق أحلام الأرض ، ومع المواظبة على العمل المنتج والنافع تتفتح القلوب على حقيقة المحبة للحياة ، لأن من أحب الحياة بالعمل النافع تفتح له الحياة أعماقها وتدنيه من أبعد اسرارها
علينا ترك مفاهيم ان حقيقة الحية مظلمة وحالكة ، فالحياة تكون حقيقة ظلمة حالكة إذا لم ترافقها الحركة ، والحركة تكون عمياء لا بركة فيها إن لم ترافقها المعرفة ، والمعرفة تكون عقيمة سقيمة إن لم يرافقها العمل والتطبيق ، والعمل يكون باطلاً وبلا ثمر إن لم يقترن بالمحبة ، فنحن إذا عملنا بمحبة ، فاننا نربط أنفسنا وكل من يعمل معنا برباط الهي مقدس ، والعمل المقرون بالمحبة هو أن نحيك الرداء بخيوط مسحوبة من نسيج القلب من خلال التفكير بأن الحبيب هو من سيرتدي هذا الرداء ، وهو أن نبني البيت بحجارة مقطوعة من مقلع الحنان والاخلاص مع التفكير بان الحبيب هو من سيقطن هذا البيت ، وهو أن نبذر بدقة وعناية ونجمع الحصاد بفرح ولذة وكأننا نجمعه لكي يقدم للحبيب ، وهو أن نضع في كل عمل نسمة من الروح ونثق بأن جميع الأموات الأطهار محيطون بنا يراقبون ويتأملون بنا
علينا أن نعي وندرك أن الريح لا تخاطب السنديانة الجبارة بلهجة أحلى من اللهجة التي تخاطب بها أحقر أنواع أعشاب الأرض ، وأن العظيم العظيم إنما هو ذلك الذي يتحول قوة الريح إلى أنشودة تزيدها محبته حلاوة وعذوبه ، فالعمل هو الصورة الطاهرة للمحبة الكاملة ، وإذا لم تستطيع أن تعمل بمحبة وكنت ضجراً ناقماً فالأجدر بك أن تترك العمل وتجلس لتتلمس الصدقات من العاملين بفرح وطمأنينه ، لأنك إذا خبزت خبزاً وانت لا تجد لك لذة في عملك هذا ، فإن ما تخبزه يكون علقماً لا يسبع سوى نصف مجاعة الإنسان ، وإذا أنشدت وغنيت وكنت لا تحب أن تكون منشداً أو مغنياً فإنك بذلك تصم آذان الناس بأنغامك لكي لا يصغوا لأي من اناشيد الليل او النهار