هذه السورة تمثل حملة عميقة التأثير في القلب البشري ، ومطاردة عنيفة
للهواجس والشبهات والأباطيل التي تساوره وتتدسس إليه ، وتختبئ هنا وهناك في
حناياه .ودحض لكل حجة ولكل عذر قد يتخده للحيدة عن الحق والزيغ عن الإيمان
..حملة لا يصمد لها قلب يتلقاها ، وهي تلاحقه حتى تلجئه إلى الاذعان
والإستسلام !
وهي حملة يشترك فيها اللفظ والعبارة ، والمعنى والمدلول ،والصور والظلال
والإيقاعات الموسيقية لمقاطع الصورة وفواصلها على السواء . ومن بدء السورة
إلى ختامها تتوالى آياتها كما لو كانت قذائف ، وإيقاعاتها كما لو كانت
صواعق ، وصورها وظلالها كما لو كانت سياطاً لاذعة للحس لا تمهله لحظة واحدة
من البدء إلى الختام !
وتبدأ السورة بقسم من الله سبحانه بمقدسات في الأرض والسماء . بعضها
مكشوف معلوم ! وبعضها مغيب مجهول : ( والطور . وكتاب مسطور . في رق منشور .
والبيت المعمور . والسقف المرفوع و البحر المسجور) ..
القسم على أمر عظيم رهيب ، يرج القلب رجا ، ويرعب الحس رعبا . في تعبير
يناسب لفظه مدلوله الرهيب ، وفي مشهد كذلك ترتجف له القلوب : ( إن عذاب ربك
لواقع ، ما له من دافع ، يوم تمور السماء مورا ، وتسير الجبال سيرا ) ..
وفي وسط المشهد المفزع نرى ونسمع ما يزلزل ويرعب ، من ويل وهول ، وتقريع
وتفزيع : ( فويل يومئذ للمكذبين ، الذين هم في خوض يلعبون . يوم يدعون إلى
نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون . أفسحر هذا ؟ أم أنتم
لاتبصرون ؟ اصلوها فاصبروا أو لاتصبروا ، سواء عليكم ، إنما تجزون ما كنتم
تعملون ) ..
هذا شوط من حملة المطاردة يليه شوط آخر من لون آخر ، شوط في إطماع
القلوب التي رأت ذلك الهول المرعب – إطماعها في الأمن والنعيم ، يعرض صورة
المتقين وما أعد لهم من تكريم . وما هيئ لهم من تكريم . وما هيئ لهم من
نعيم رخي رغيد ، يطول عرضه ، وتكثر تفصيلاته ،وتتعدد ألوانه . مما يجيش
الحس إلى روح النعيم ويرده ، بعد كرب العذاب وهوله : ( إن المتقين في جنات
ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم . كلوا واشربوا
هنيئاً بما كنتم تعملون . متكئين على سرر مصفوفة وزوجنهم بحور عين . والذين
آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم . وما ألتناهم من عملهم
من شيء . كل امرئ بما كسب رهين . وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون .
يتنازعون فيها كأساً لالغو فيها ولا تأثيم . ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم
لؤلؤ مكنون . وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . قالوا : إنا كنا قبل في أهلنا
مشفقين . فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم . إنا كنا من قبل ندعوه إنه
هو البر الرحيم ) ..
والآن وقد أحس القلب البشري سياط العذاب في الشوط الأول ، وتذوق حلاوة
النعيم في الشوط الثاني ..الآن يجيء الشوط الثالث يطارد الهواجس والوساوس ،
ويلاحق الشبهات والأضاليل ، ويدحض الحجج والمعاذير ، ويعرض الحقيقة بارزة
واضحة بسيطة عنيفة . تتحدث بمنطق نافذ لايحتمل التأويل ،مستقيم لا يحتمل
اللف والدوران . يلوي الأعناق لياً ويلجئها إلى الإذعان والتسليم ... ويبدأ
هذا الشوط بتوجيه الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ليمضي في
تذكيره لهم ، على الرغم من سوء أدبهم معه ، وليقرعهم بهذا المنطق النافذ
القوي المستقيم ( فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون . أم يقولون :
شاعر نتربص به ريب المنون ؟ قل : تربصوا فإني معكم من المتربصين. أم تأمرهم
أحلامهم بهذا ؟ أم هم قوماً طاغون ؟أم يقولون تقوله ؟ بل لا يؤمنون .
فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين . أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هم
الخالقون ؟ أم خلقوا السماوات والأرض ؟ بل لا يوقنون . أم عندهم خزائن ربك ؟
أم هم المسيطرون ؟ أم لهم سلم يستمعون فيه ؟ فليأت مستمعهم بسلطان مبين .
أم له البنات ولكم البنون ؟ أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون ؟ أم عندهم
الغيب فهم يكتبون ؟ أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون . أم لهم
إله غير الله ؟ سبحان الله عما يشركون )
وعقب هذه الأسئلة المتلاحقة . بل هذه القذائف الصاعقة . التي تنسف
الباطل نسفا ، وتحرج المكابر والمعاند وتخرس كل لسان يزيغ عن الحق أويجادل
فيه ..عقب هذا يصور تعنتهم وعنادهم في صورة الذي يكابر في المحسوس : ( وإن
يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا : سحاب مركوم ) والفرق بين قطعة السماء
تسقط وبين السحاب واضح ولكنهم هم يتلمسون كل شبهه ليعدلوا عن الحق الواضح .
هنا يلقي عليهم بالقذيفة الأخيرة . قذيفة التهديد الرعيب ، بملاقاة ذلك
المشهد المرهوب ، الذي عرض عليهم في مطلع الصورة : ( فذرهم حتى يلقوا يومهم
الذي فيه يصعقون . يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم ينصرون ) كما
يهددهم بعذاب أقرب من ذلك العذاب : وإن للذين ظلموا عذاب دون ذلك ، ولكن
أكثرهم لا يعلمون ) ..
ثم تختم السورة بإيقاع رضي رخي ..إنه موجه إلى الرسول الكريم الذي
يقولون عنه : ( شاعر نتربص به ريب المنون ) ..ويقولون كاهن أو مجنون . موجه
إليه من ربه يسليه ويعزيه في إعزاز وتكريم . في تعبير لا نظير له في
القرآن كله ، ولم يوجه من قبل من نبي أو رسول : ( واصبر لحكم ربك ، فإنك
بأعيننا ، وسبح بحمد ربك حين تقوم ، ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) ..
إنه الإيقاع الذي يمسح على العنت والمشقة الذين يلقاهما الرسول الكريم ،
من أولئك المتعنتين المعاندين الذين اقتضت مواجهتهم تلك الحملة العنيفة من
المطاردة والهجوم ..
للهواجس والشبهات والأباطيل التي تساوره وتتدسس إليه ، وتختبئ هنا وهناك في
حناياه .ودحض لكل حجة ولكل عذر قد يتخده للحيدة عن الحق والزيغ عن الإيمان
..حملة لا يصمد لها قلب يتلقاها ، وهي تلاحقه حتى تلجئه إلى الاذعان
والإستسلام !
وهي حملة يشترك فيها اللفظ والعبارة ، والمعنى والمدلول ،والصور والظلال
والإيقاعات الموسيقية لمقاطع الصورة وفواصلها على السواء . ومن بدء السورة
إلى ختامها تتوالى آياتها كما لو كانت قذائف ، وإيقاعاتها كما لو كانت
صواعق ، وصورها وظلالها كما لو كانت سياطاً لاذعة للحس لا تمهله لحظة واحدة
من البدء إلى الختام !
وتبدأ السورة بقسم من الله سبحانه بمقدسات في الأرض والسماء . بعضها
مكشوف معلوم ! وبعضها مغيب مجهول : ( والطور . وكتاب مسطور . في رق منشور .
والبيت المعمور . والسقف المرفوع و البحر المسجور) ..
القسم على أمر عظيم رهيب ، يرج القلب رجا ، ويرعب الحس رعبا . في تعبير
يناسب لفظه مدلوله الرهيب ، وفي مشهد كذلك ترتجف له القلوب : ( إن عذاب ربك
لواقع ، ما له من دافع ، يوم تمور السماء مورا ، وتسير الجبال سيرا ) ..
وفي وسط المشهد المفزع نرى ونسمع ما يزلزل ويرعب ، من ويل وهول ، وتقريع
وتفزيع : ( فويل يومئذ للمكذبين ، الذين هم في خوض يلعبون . يوم يدعون إلى
نار جهنم دعا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون . أفسحر هذا ؟ أم أنتم
لاتبصرون ؟ اصلوها فاصبروا أو لاتصبروا ، سواء عليكم ، إنما تجزون ما كنتم
تعملون ) ..
هذا شوط من حملة المطاردة يليه شوط آخر من لون آخر ، شوط في إطماع
القلوب التي رأت ذلك الهول المرعب – إطماعها في الأمن والنعيم ، يعرض صورة
المتقين وما أعد لهم من تكريم . وما هيئ لهم من تكريم . وما هيئ لهم من
نعيم رخي رغيد ، يطول عرضه ، وتكثر تفصيلاته ،وتتعدد ألوانه . مما يجيش
الحس إلى روح النعيم ويرده ، بعد كرب العذاب وهوله : ( إن المتقين في جنات
ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم . كلوا واشربوا
هنيئاً بما كنتم تعملون . متكئين على سرر مصفوفة وزوجنهم بحور عين . والذين
آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم . وما ألتناهم من عملهم
من شيء . كل امرئ بما كسب رهين . وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون .
يتنازعون فيها كأساً لالغو فيها ولا تأثيم . ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم
لؤلؤ مكنون . وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . قالوا : إنا كنا قبل في أهلنا
مشفقين . فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم . إنا كنا من قبل ندعوه إنه
هو البر الرحيم ) ..
والآن وقد أحس القلب البشري سياط العذاب في الشوط الأول ، وتذوق حلاوة
النعيم في الشوط الثاني ..الآن يجيء الشوط الثالث يطارد الهواجس والوساوس ،
ويلاحق الشبهات والأضاليل ، ويدحض الحجج والمعاذير ، ويعرض الحقيقة بارزة
واضحة بسيطة عنيفة . تتحدث بمنطق نافذ لايحتمل التأويل ،مستقيم لا يحتمل
اللف والدوران . يلوي الأعناق لياً ويلجئها إلى الإذعان والتسليم ... ويبدأ
هذا الشوط بتوجيه الخطاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ليمضي في
تذكيره لهم ، على الرغم من سوء أدبهم معه ، وليقرعهم بهذا المنطق النافذ
القوي المستقيم ( فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون . أم يقولون :
شاعر نتربص به ريب المنون ؟ قل : تربصوا فإني معكم من المتربصين. أم تأمرهم
أحلامهم بهذا ؟ أم هم قوماً طاغون ؟أم يقولون تقوله ؟ بل لا يؤمنون .
فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين . أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هم
الخالقون ؟ أم خلقوا السماوات والأرض ؟ بل لا يوقنون . أم عندهم خزائن ربك ؟
أم هم المسيطرون ؟ أم لهم سلم يستمعون فيه ؟ فليأت مستمعهم بسلطان مبين .
أم له البنات ولكم البنون ؟ أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون ؟ أم عندهم
الغيب فهم يكتبون ؟ أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون . أم لهم
إله غير الله ؟ سبحان الله عما يشركون )
وعقب هذه الأسئلة المتلاحقة . بل هذه القذائف الصاعقة . التي تنسف
الباطل نسفا ، وتحرج المكابر والمعاند وتخرس كل لسان يزيغ عن الحق أويجادل
فيه ..عقب هذا يصور تعنتهم وعنادهم في صورة الذي يكابر في المحسوس : ( وإن
يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا : سحاب مركوم ) والفرق بين قطعة السماء
تسقط وبين السحاب واضح ولكنهم هم يتلمسون كل شبهه ليعدلوا عن الحق الواضح .
هنا يلقي عليهم بالقذيفة الأخيرة . قذيفة التهديد الرعيب ، بملاقاة ذلك
المشهد المرهوب ، الذي عرض عليهم في مطلع الصورة : ( فذرهم حتى يلقوا يومهم
الذي فيه يصعقون . يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاً ولا هم ينصرون ) كما
يهددهم بعذاب أقرب من ذلك العذاب : وإن للذين ظلموا عذاب دون ذلك ، ولكن
أكثرهم لا يعلمون ) ..
ثم تختم السورة بإيقاع رضي رخي ..إنه موجه إلى الرسول الكريم الذي
يقولون عنه : ( شاعر نتربص به ريب المنون ) ..ويقولون كاهن أو مجنون . موجه
إليه من ربه يسليه ويعزيه في إعزاز وتكريم . في تعبير لا نظير له في
القرآن كله ، ولم يوجه من قبل من نبي أو رسول : ( واصبر لحكم ربك ، فإنك
بأعيننا ، وسبح بحمد ربك حين تقوم ، ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) ..
إنه الإيقاع الذي يمسح على العنت والمشقة الذين يلقاهما الرسول الكريم ،
من أولئك المتعنتين المعاندين الذين اقتضت مواجهتهم تلك الحملة العنيفة من
المطاردة والهجوم ..