أيها الإخوة الأحباب نعيش اليوم مع حديث رواه الإمام الترمذي وقال حديث حسن؛ عن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»(1).
هذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب، وقد قال أحد العلماء: إن أصول آداب الخير وأزمّته تتفرع من أربعة أحاديث، هي قولُه صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»(2)، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له في الوصية «لا تغضب»(3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه»(4)، وحديث «من حسن إسلام تركه ما لا يعنيه».
ومعنى الحديث تركه ما لا يعنيه من قول وفعل، ومعنى "يعنيه" أن تتعلق عنايته به ويكون من مقصده ومطلوبه، والعناية شدة الاهتمام بالشيء، وليس المراد أنه يترك ما لا عناية له به ولا إرادة بحكم الهوى وطلب النفس، بل بحكم الشرع والإسلام، ولهذا جعله من حسن الإسلام.
فإذا حَسُن إسلام العبد ترك ما لا يعنيه في الإسلام من الأقوال والأفعال، فإن الإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات، وإذا حَسُن الإسلام اقتضى ترك ما لا يعني من المحرمات أو المشتبهات أو المكروهات وفضول المباحات التي لا يُحتاج إليها فإن هذا كله لا يعني المسلم إذا كَمُل إسلامه وبلغ إلى درجة الإحسان.
وأكثر ما يُراد بترك ما لا يَعني حفظُ اللسان من لغو الكلام، وقد وقعت الإشارة في القرآن إلى هذا المعنى في قوله: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقد نفى الله سبحانه الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم، فقال: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114].
وقد رُويَ عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، خذلانًا من الله عز وجل.
الإخوة الكرام .. لقد عُنيَ الإسلام عناية فائقة بتأديب أتباعه بجملة من الآداب إذا تحلّوا بها؛ رفعوا أذاهم عن غيرهم، وأسهموا في بناء مجتمعهم إسهامًا إيجابيًّا في جانب الأخلاق...
ومن هذه الآداب آداب تضبط أفعال المرء فلا يتصرف حسبما يُملي له هواه، خذ لذلك مثالاً هؤلاء العابثين بالهاتف؛ الذين يبددون أوقاتهم وأموالَهم فيما لا يعود عليهم بنفع، ويلحقون بالآخرين الضرر والأذى، ترى أحدهم يدير قرص الهاتف، فإذا جاء على الطرف الآخر صوت نسائي، بدأ في نصب شباكه، لإيقاعها في شراكه، غير مبالٍ بهتك الحرمات، لأن همّه هو إشباع الشهوات والرغبات.
ولذا نحذّر أخواتنا المسلمات من الخضوع بالقول، فإن الله تعالى نهى أمهات المؤمنين -اللاتي لا يطمع فيهن طامع- وهنّ في عهد النبوة وحياةِ الصحابة الكرام، نهاهنّ عن الخضوع بالقول فقال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]، فكيف بمن سواهنّ، لا شك أن نهيهنّ عن الخضوع في القول من بابِ أولى.
ولا ينبغي أن يُستسهل الأمر، فيقول قائل إنه مجرد هاتف، فكم جلبت مثل هذه الأمور، على مجتمعاتنا من ويلات وشرور.
وما أحسنَ قولَ القائل:
إن الـمعـاكـس ذئب *** يُغـوي الـفتـاة بـحيلـة
يقـول هيـّا تعـالىْ *** إلـى الــحـيـاة الجـميلـة
قالت أخـاف الـعـار *** والإغـراق في درب الـرذيلة
والأهــل والإخـوان *** والأصحاب بل كل الـقبيلـة
قـال الخـبيـث بمكر *** لا تـقـلـقى يا كـحيـلـة
إنـما التشديد والتعقيد *** أغــلال ثـقـيــلـــة
ألا تــريـن فـلانة *** ألا تـريــن الـزمـيلــة
وإن أردت ســبيـلا *** فالعرس خـير وسـيـلــة
فانقادت الشاة للـذئب *** عــلى نـفـسٍ ذلـيلــة
فـيا لفـحـش أتتـه *** ويــا فـعـالٍ وبـيـلـة
حتى إذا الـذئب أروى *** مـن الـفتـاة غلـيـلــه
قـال اللـئيم وداعـًا *** فــفـي الـبـنـات بديلة
إن الأمانة عظيمة.. وإن المسئولية جسيمة والعمر قصير فلا تضيِّعْه فيما لا يعنيك {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]، فعليك أن تبذل الأسباب، وتوفّر الضمانات لحماية محارمك من العابثين والسفهاء، وهي ممّا لا يخفى على محبي العفة والكرامة.
ولعل من أبرز هذه الأسباب أن تراعي أنت مشاعر الآخرين، وتحسنَ في معاملاتهم، ولا تقتحمْ فيما لا يعنيك، فتُبتلى في بيتك بما أفسدت به بيوت الآخرين.
هذا الحديث أصل عظيم من أصول الأدب، وقد قال أحد العلماء: إن أصول آداب الخير وأزمّته تتفرع من أربعة أحاديث، هي قولُه صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»(2)، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له في الوصية «لا تغضب»(3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه»(4)، وحديث «من حسن إسلام تركه ما لا يعنيه».
ومعنى الحديث تركه ما لا يعنيه من قول وفعل، ومعنى "يعنيه" أن تتعلق عنايته به ويكون من مقصده ومطلوبه، والعناية شدة الاهتمام بالشيء، وليس المراد أنه يترك ما لا عناية له به ولا إرادة بحكم الهوى وطلب النفس، بل بحكم الشرع والإسلام، ولهذا جعله من حسن الإسلام.
فإذا حَسُن إسلام العبد ترك ما لا يعنيه في الإسلام من الأقوال والأفعال، فإن الإسلام يقتضي فعل الواجبات وترك المحرمات، وإذا حَسُن الإسلام اقتضى ترك ما لا يعني من المحرمات أو المشتبهات أو المكروهات وفضول المباحات التي لا يُحتاج إليها فإن هذا كله لا يعني المسلم إذا كَمُل إسلامه وبلغ إلى درجة الإحسان.
وأكثر ما يُراد بترك ما لا يَعني حفظُ اللسان من لغو الكلام، وقد وقعت الإشارة في القرآن إلى هذا المعنى في قوله: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، وقد نفى الله سبحانه الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم، فقال: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114].
وقد رُويَ عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، خذلانًا من الله عز وجل.
الإخوة الكرام .. لقد عُنيَ الإسلام عناية فائقة بتأديب أتباعه بجملة من الآداب إذا تحلّوا بها؛ رفعوا أذاهم عن غيرهم، وأسهموا في بناء مجتمعهم إسهامًا إيجابيًّا في جانب الأخلاق...
ومن هذه الآداب آداب تضبط أفعال المرء فلا يتصرف حسبما يُملي له هواه، خذ لذلك مثالاً هؤلاء العابثين بالهاتف؛ الذين يبددون أوقاتهم وأموالَهم فيما لا يعود عليهم بنفع، ويلحقون بالآخرين الضرر والأذى، ترى أحدهم يدير قرص الهاتف، فإذا جاء على الطرف الآخر صوت نسائي، بدأ في نصب شباكه، لإيقاعها في شراكه، غير مبالٍ بهتك الحرمات، لأن همّه هو إشباع الشهوات والرغبات.
ولذا نحذّر أخواتنا المسلمات من الخضوع بالقول، فإن الله تعالى نهى أمهات المؤمنين -اللاتي لا يطمع فيهن طامع- وهنّ في عهد النبوة وحياةِ الصحابة الكرام، نهاهنّ عن الخضوع بالقول فقال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32]، فكيف بمن سواهنّ، لا شك أن نهيهنّ عن الخضوع في القول من بابِ أولى.
ولا ينبغي أن يُستسهل الأمر، فيقول قائل إنه مجرد هاتف، فكم جلبت مثل هذه الأمور، على مجتمعاتنا من ويلات وشرور.
وما أحسنَ قولَ القائل:
إن الـمعـاكـس ذئب *** يُغـوي الـفتـاة بـحيلـة
يقـول هيـّا تعـالىْ *** إلـى الــحـيـاة الجـميلـة
قالت أخـاف الـعـار *** والإغـراق في درب الـرذيلة
والأهــل والإخـوان *** والأصحاب بل كل الـقبيلـة
قـال الخـبيـث بمكر *** لا تـقـلـقى يا كـحيـلـة
إنـما التشديد والتعقيد *** أغــلال ثـقـيــلـــة
ألا تــريـن فـلانة *** ألا تـريــن الـزمـيلــة
وإن أردت ســبيـلا *** فالعرس خـير وسـيـلــة
فانقادت الشاة للـذئب *** عــلى نـفـسٍ ذلـيلــة
فـيا لفـحـش أتتـه *** ويــا فـعـالٍ وبـيـلـة
حتى إذا الـذئب أروى *** مـن الـفتـاة غلـيـلــه
قـال اللـئيم وداعـًا *** فــفـي الـبـنـات بديلة
إن الأمانة عظيمة.. وإن المسئولية جسيمة والعمر قصير فلا تضيِّعْه فيما لا يعنيك {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]، فعليك أن تبذل الأسباب، وتوفّر الضمانات لحماية محارمك من العابثين والسفهاء، وهي ممّا لا يخفى على محبي العفة والكرامة.
ولعل من أبرز هذه الأسباب أن تراعي أنت مشاعر الآخرين، وتحسنَ في معاملاتهم، ولا تقتحمْ فيما لا يعنيك، فتُبتلى في بيتك بما أفسدت به بيوت الآخرين.