يقول الله تعالى
( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ))[العصر:3]
من هذا الباب هناك مسألتان مهمة قد حررت القول فيها أرجو النفع بها لي ولإخواني المسلمين وهي جهد مقل والباب مفتوح للنقاش والإفادة والتعليق:
الأولى:
نشر بالأمس في إحدى الجرائد ( أحد تجار الذهب يبارك للمسلمين الإحتفال بالمولد النبوي وتعليقاً على هذا الخبر الذي طالعته بنفسي وكان في أول صفحة من نفس الجريدة: أقول يا أحبتي تعلمون ما لي الأمر من خطورةٍ بالغة وأمور شنيعة من عدة أمور:
أ- إن الإحتفال فقط خاص بالأعياد وأن الأعياد بالنسبة للمسلمين عيدين فقط عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك يجتمعون فيهيما للذكر والصلاة، بدلاً من أعياد الجاهلية، وشرع أعياداً تشتمل على أنواع من الذكر والعبادة كيوم الجمعة ويم عرفة وأيام التشريق ولم يشرع لنا سبحانه وتعالى عيداً للميلاد النبي –صلى الله عليه وسلم – ولا غيره.
ب-أن الأدلة الشرعية دلت على أن الإحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ، ومن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من ذلك :
1- قول النبي –صلى الله عليه وسلم -:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "متفق عليه، وقوله – صلى الله عليه وسلم - :" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أخرجه مسلم في صحيحه موصولاً وعلقه البخاري جازماً به، وفي صحيح مسلم عن جابر –رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم - :"أنه كان يقول في خطبة الجمعة:"" أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهُدى هدى محمدٍ –صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالةٌ"" رواه مسلم، والأحاديث في هذا الباب كثيرة وكل هذه الأحاديث تدل على وجوب الحذر من مشابهة أعداء الله في أعيادهم وغيرها.
ب- أن الأحتفال بالمولد بدعةٌ من الدين حيث أن النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه الكرام – رضي الله عنهم أجمعين – ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة كلهم لم يفعلوا ذلك ولو كان الإحتفال يا أحبتي خيراً أقصد بالموالد وغيرها خيراً لسبقونا إليه أؤلئك الأخيار، ولعلّمه النبي – صلى الله عليه وسلم – أمته وحثمهم عليه أو فعله هو بنفسه، فلما لم يقع شئ من ذلك علمنا أن الإحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين التي يجب تركها والحذر منها امتثالاً لأمر الله سبحانه وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ت- وذكر أهل العلم أن أول من أحدث الإحتفال بالموالد هم الشيعة الفاطميون في المائة الرابعة، ثم تبعه بعض المنتسبين إلى السنة في هذه البدعة جهلاً وتقليداً لهم ولليهود والنصارى، ثم انتشرت البدع بين الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله .(1)
** والواجب على المسلمين:
التبين في أمور دينهم والنصح للإخوة المسلمين والقيام بما أوجب الله من إنكار المنكر وأن يساهم المسلم بالدعوة إلى السنة ونبذ البدعة في مجالسه وعمله وبيته وبين أهله وجيرانه وباستخدام التقنية الحديثة من جوال ورسائل وبلوتوث وإنترنت وما يخدم السنة ويميت البدعة والتواصل مع العلماء وطلبة العلم وأائمة المساجد وخطبائها في هذا الشأن، ولا يضرك من المعاداة واللمز لما تفعله من الدعوة إلى السنة والعقيدة الصحيحة ونبذ البدع
**وللشيخ المحدث سليمان بن ناصر العلوان – حفظه الله – كلام جميل يذكر هنا:
" وثم مصيبة يندى لها الجبين وهي أن الكثير من المتعصبين لأئمة المذاهب الأربعة وغيرهم جمعوا مع الحشف سوء الكيل فهم يعادون أهل التجرد للدليل ويلمزونهم بذلك ، بل يرمونهم بالمنكرات وعظائم الأمور زورا وبهتانا كي ينفروا عنهم لما من الله عليهم به من تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم .
ولكن لا ضير على أهل التوحيد الخالص من جعجعة المرجفين ، ولمز المبطلين فصيحتهم كمثل دخان ، وهذه سنة الله في عباده المؤمنين ، وما على المسلم إلا الصبر والاحتساب حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا وليتأس بمن قبله فقد تناولتهم الألسنة البذيئة من أعدائهم وخصومهم واخرجوا من ديارهم وأوطانهم كما جرى ذلك لأئمة الإسلام وهداة الأنام فكيف بمن كان في آخر الزمان مع غربة الدين بين الأنام ، قال الرسول الأمين المبعوث رحمة للعالمين صلى عليه ربنا إلى يوم الدين : ( بدا الإسلام غريبا وسيعود كما بدا فطوبى للغرباء )(2)، فالمسلم غريب بين الكفار والسني غريب بين أهل البدع ، وكلما قوي إيمان العبد قويت غربته .
فالمتمسك بالسنة حق التمسك في هذا الزمان غريب بين الناس يشار إليه بالأصابع لتباين منهجه مع مناهجهم وطريقته مع طريقتهم وسبيله مع سبيلهم .
قال سهل بن عبد الله :
( عليكم بالأثر والسنة ، فإني أخاف أنه سيأتي عن قليل زمان إذا ذكر إنسان النبي صلى الله عليه وسلم ، والاقتداء به في جميع أحواله ذموه ونفروا عنه وتبرؤوا منه ، وأذلوه وأهانوه ) .
قال العلامة سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله –:
( رحم الله سهلا ما اصدق فراسته ، فلقد كان ذلك وأعظم ، وهو أن يكفر الإنسان بتجريد التوحيد والمتابعة ، والأمر بإخلاص العبادة لله ، وترك عبادة ما سواه والأمر بطاعة رسول الله صلى الله علية وسلم ، وتحكيمه في الدقيق والجليل )(3) .
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( يأتي على الناس زمان ، الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر)(4)
تيسر العزيز الحميد: (ص61)
رواه الترمذي في جامعه : (6/538-تحفة الأحوذي) بسند ثلاثي، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري بن ابنة السدي الكوفي أخبرنا عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال بعده :هذا حديث غريب من هذا الوجه . وعمر بن شاكر روى عنه غير واحد من أهل العلم وهو شيخ بصري.انتهى كلامه حفظه الله(5)
يتبع.....