قضية العقيدة بحقائقها الأساسية هي التي تعالجها هذه السورة
......الألوهية الواحدة . والحياة والآخرة . والوحي بالرسالة . يضاف إليها
طريق الدعوة إلى الله وخلق الداعية .وكل مافي السورة هو شرح لهذه الحقائق ،
واستدلال عليها . وعرض لآيات الله في الأنفس والآفاق وتحذير من التكذيب
بها ، وتذكير بمصارع المكذبين في الأجيال السابقة ، وعرض لمشاهد المكذبين
يوم القيامة وبيان أن المكذبين من الجن والإنس هم وحدهم الذين لا يسلمون
بهذه الحقائق ولا يستسلمون لله وحده ، بينما السماء والأرض والشمس والقمر
والملائكة ......كلهم يسجدون لله ويخشعون ويسلمون ويستسلمون .
فعن حقيقة الألوهية الواحدة يرد في مطلع السورة : ( قل إنما أنا بشر
مثلكم يوحي إلي إنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل
للمشركين )
وعن قضية الآخرة يرد تهديد للذين لا يؤمنون بالآخرة : ( وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون ) .
وعن قضية الوحي يرد كلام كثير يكاد يجعل هذا الموضوع هو موضوع السورة
الرئيسي . فهي تفتتح به في تفصيل : ( حم . تنزيل من الرحمن الرحيم . كتاب
فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون . بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم
لا يسمعون . وقالوا : فلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ، وفي آذاننا وقر ،
ومن بيننا وبينك حجاب ، فاعمل إنا عاملون . قل : إنما أنا بشر مثلكم يوحى
إلي ...)
وأما عن طريق الدعوه وخلق الداعية فيرد قوله : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً ، وقال إنني من المسلمين ..)
ومن مصارع الغابرين يصور مصرع عاد وتمود : ( فإما عاد فأستكبروا في الأرض بغير الحق )
ومن مشاهد يوم القيامة المؤثرة في هذه السورة : ( يوم يحشر أعداء الله
إلى النار فهم يوزعون . حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم
وجلودهم بما كا نوا يعملون . وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا ؟ قالوا
أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء . وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون ) .
ويجري سياق السورة بموضوعاتها ومؤثراتها في شوطين اثنين ، متماسكي الحلقات ...
الشوط الأول يبدأ بالآيات التي تتحدث عن تنزيل الكتاب وطبيعته وموقف
المشركين منه ، تليها قصة خلق السماوات والأرض ، فقصة عاد وثمود ومشهدهم في
الآخرة ، ويلي هذا ماجاء عن الدعوة والداعية .
والشوط الثاني يتحدث عن آيات الله من الليل والنهار والشمس والقمر
والملائكة والأرض الخاشعة والحياة التي تهتز فيها وتربو بعد الموات ، ويلي
هذا الحديث عن الذين يلحدون في آيات الله وفي كتابه ، ثم الحديث عن النفس
البشرية وحرص الإنسان على نفسه فيكذب ويكفر غير محتاط لما يعقب هذا التكذيب
من دمار وعذاب .
وتختم السورة بوعد الله أن يكشف عن آياته في الأنفس وفي الآفاق : ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) .